الجمعة، 23 أكتوبر 2009

قصيدة البدو والحضر للامير عبد القادر




قصيد للأمير عبد القادر الجزائري 
يمدح فيها و يتغنى بمحاسن البادية
نقلتها للأحباب تعميما للفائدة



يا عاذراً لامرئٍ قد هام في الحضـر = وعـاذلاً لمحـبّ البـدو والقـفـر


لا تذممـنّ بيوتـاً خـفّ محملـهـا = وتمدحـنّ بيـوت الطيـن والحجـر


لو كنت تعلم ما في البـدو تعذرنـي = لكن جهلت وكم في الجهل من ضرر


أو كنتَ أصبحت في الصحراء مرتقياً = بساط رملٍ بـه الحصبـاء كالـدرر


أو جلتَ في روضةٍ قد راق منظرها = بكـل لـونٍ جميـل شيّـق عطـر


تستنشقـنّ نسيمـاً طـاب منتشـقـاً = يزيد في الروح لم يمرر على قـذَر


أو كنت في صبح ليل هـاج هاتنـه = علوت في مرقبٍ أو جلـت بالنظـر


رأيت في كلّ وجـهٍ مـن بسائطهـا = سرباً من الوحش يرعى أطي الشجر


فيا لها وقفة لـم تبـق مـن حـزن = في قلب مضنى ولا كدّا لذي ضجـر


نباكـرُ الصيـد أحيـانـا فنبغـتـه = فالصيد منّا مدى الأوقات فـي ذعـر


فكـم ظلمنـا ظليمـا فـي نعامتـه = وإن يكن طائراً في الجـو كالصقـر


يـوم الرحيـل إذا شـدّت هوادجنـا = شقائق عمّهـا مـزنٌ مـن المطـر


فيها العذارى وفيها قد جعلـن كـوىً = مرقعـاتٍ بأحـداقٍ مـن الـحـور


تمشي الحداة لها من خلفهـا زجـلٌ = أشهى من الناي والسنطيـر والوتـر


ونحن فوقَ جياد الخيـل نركضهـا = شليلهـا زينـة الأكفـال والخصـر


نطارد الوحـش والغـزلان نلحقهـا = على البعاد وما تنجو مـن الضمـر


نروح للحـيّ ليـلا بعدمـا نزلـوا = منازلاً ما بها لطـخٌ مـن الوضـر


ترابها المسك بل أنقـى وجـاد بهـا = صوب الغمائـم بالآصـال والبكـر


نلقى الخيام وقد صفّت بهـا فغـدت = مثل السماء زهت بالأنجـم الزهـر


قال الألى قد مضوا قـولا يصدّقـه = نقلٌ وعقلٌ ومـا للحـق مـن غيـر


الحسن يظهـر فـي بيتيـن رونقـه = بيتٌ من الشعرِ أو بيتٌ مـن الشعَـر


أنعامنا إن أتت عنـد العشـيّ تخـل = أصواتها كـدويّ الرعـد بالسحـر


سفائن البـرّ بـل أنجـى لراكبهـا = سفائن البحر كم فيهـا مـن الخطـر


لنا المهارى ومـا للريـم سرعتهـا = بهـا وبالخيـل نلنـا كـل مفتخـر


فخيلنـا دائمـا للحـرب مسـرجـةٌ = من استغـاث بنـا بشّـره بالظفـر


نحن الملوك فلا تعـدل بنـا أحـداً = وأيّ عيشٍ لمن قد بـات فـي خفـر


لا نحمل الضيم ممن جـار نتركـه = وأرضه وجيمع العـزّ فـي السفـر


وإن أسـاء علينـا الجـار عشرتـه = نبين عنـه بـلا ضـرٍّ ولا ضـرَر


نبيت نـار القـرى تبـدو لطارقتنـا = فيها المداواة من جوع ومن خصـر


عدوّنـا مـا لـه ملـجـا ولا وزرٌ = وعندنـا عاديـات السبـق والظفـر


شرابها مـن حليـبٍ مـا يخالطـه = ماء وليـس حليـب النـوق كالبقـر


أمـوال أعدائنـا فـي كـلّ آونـة = نقضـي بقسمتهـا بالعـدل والقـدر


ما في البداوة من عيـب تـذمّ بـه = إلّا المـروءة والإحسـان بالـبـدرِ


وصحّة الجسـم فيهـا غيـر خافيـةٍ = والعيب والداء مقصورٌ على الحضَر


من لم يمت عندنا بالطعن عاش مدى = فنحن أطول خلق اللَـه فـي العمـر

ليست هناك تعليقات: