الجمعة، 3 أبريل 2009

مذكرات نجل الشيخ العللامة محمد البشير الإبراهيمي أحمد طالب الإبراهيمي




مذكرات نجل الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي أحمد طالب الإبراهيمي



مذكرات جزائري : الجزء الأول : أحلام و محن 1932 - 1965
دار القصبة للنشر الجزائر 2007
الفصل الأول: طفل في تلمسان 1932 - 1945

ذكريات عن أسرة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي و الشيخ الجليل عبد الحميد بن باديس قائد النهضة الإصلاحية الجزائرية
يقول صاحب المذكرات بأنه (ولد في الخامس من جانفي 1932 بتلك المدينة العصية الصلبة سطيف بالشرق الجزائري لأسرة يقال إنها ترقى بنسبها إلى الصحابي الجليل أبي بكر الصديق) و لكن صاحب المذكرات بعقليته النقدية يتحفظ حول هذه المسألة و لا ينساق مثل الكثير في عالمنا الإسلامي فيقول( قد يكون هذا صحيحا ، و قد يكون وهما من تلك الأوهام التي دأب أهل المغرب منذ قرون على نسجها بنسب أنفسهم إلى أصول من شبه الجزيرة العربية ).
لكن أحمد طالب يعود إلى مساهمة أجداده العلماء الذين تجاوزت شهرتهم حدود المنطقة فيقول :( بأن أجداه كانوا يقاومون المستعمر و يجمعون بين حب الثقافة و حب الأرض لذلك خسر هؤلاء الأجداد أراضيهم بعد ثورة المقراني سنة 1870 و تحولت إلى المعمرين الفرنسين فإنصرف أجداده بصفة نهائية إلى التعليم و هكذا إشتهر المدعو المكي الإبراهيمي عم والده بيما كان يلقيه من دروس على مئات الطلبة الذين كانوا يتوافدون عليه من كل أنحاء الشرق الجزائري وكان هو الذي رسخ عند والدي حب العلم و الزهد في المادة .
أما جدي سعدي الإبراهيمي فقد كانت خصوماته مع الإدراة الإستعمارية معروفة ، و عانى منها كثيرا حتى إنه اضطر سنة 1910 بسبب قانون الاهالي سنة 1881 إلى الهجرة إلى المدينة المنورة حيث التحق به والدي ابنه الوحيد في السنة الموالية .
و أحمد طالب الإبراهيمي يكرر حقيقة لم ينكرها الكثيرون من أبناء الجزائر حتى عباس فرحات و أيت احمد و فحواها تأثير المشرق العربي على الجزائريين و في هذا الصدد يقول طالب وكان نداء الشرق هذا حقيقة ملموسة في جزائر نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين ، و لعل تفسير ذلك هو ان الجزائريين كانوا مفتونين بالبقاع المقدسة إلى درجة أن الكثير منهم كانوا يحلمون بقضاء ما تبقى لهم من عمر قرب قبر الرسول عليه الصلاة و السلام ومن جهة آخرى كما يقول طالب فإن ما قام به الفرنسيون من تحطيم لكل الفضاءات الثقافية الإسلامية دفع بالشباب الجزائري المتعطش إلى العلم و المعرفة إلى الإلتحاق بالمدارس المشرقية و على راسها الأزهر الشريف و أخيرا فإن إقامة الامير عبد القادر بسوريا منذ سنة 1856 ليست غريبة عن هذه الظاهرة و إلا كيف نفسر ان أكبر جالية للمغتربين الجزائريرين توجد في دمشق ؟

( كانت أسرتي تحمل دائما إسم الإبراهيمي مفتخرة بانتمائها إلى قبيلة اولاد براهم و سميت عائلة طالب لأنها كانت عائلة من المعلمين ، فطالب في عاميتنا يعني معلم المدرسة .
و هكذا فإن بطاقة تعريف والدي المؤرخة في 1938 تحمل لقب طالب ، واسم البشير ، و كنية الشيخ الإبراهيمي و مكان الولادة كولبير ، و تاريخ الميلاد 1891 ، و المهنة أستاذ حر ، و الجنسية فرنسي ، مسلم أهلي غير متجنس .
ومن جهة الأم ، تنحدر أمي حليمة شوكاتلي من أصول تركية ، و اسمها محرف عن إسم توقاتلي ، نسبة إلى مدينة توقات بالأناضول . ولدت في تونس سنة 1904 و هاجرت مع أسرتها إلى المدينة المنورة ، و هي في السادسة من عمرها و في المدينة تعرف والدي على جدي من الأم . و في دمشق حيث عين والدي أستاذا في مكتب عنبر ، أول ثانوية عصرية في سوريا ، تزوج من أمي سنة 1919 و في دمشق دفن جداي من أبي و امي .
و في 1920 قرر والدي العودة إلى أرض الوطن هاربا من الفرنسيين وهم يحتلون سوريا ، و حاملا معه المشروع الذي طالما تحدث بشأنه مع الشيخ عبد الحميد بن باديس ، حين حج هذا الأخير إلى مكة سنة 1913 . و بعد توقف لمدة أشهر بتونس ، حيث سعدت أمي بلقاء أهلها ، إستقر بسطيف و فيها أنجب أبناءه الثلاثة : محمد ، رشيدة ، و احمد .
لا أحتفظ عن مسقط رأسي بأية ذكرى . لأن والدي غادراه في بداية سنة 1933 ، حين كان عمري سنة واحدة ، للإقامة في تلمسان ، بأقصى الحدود الغربية للجزائر .
ولدت بعد عامين من إحتفال فرنسا ببذخ وقح بمئوية احتلالها لبلدي (1830-1930) وبعد عام من انشاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي كان والدي أحد مؤسسيها وروادها ان تلازم هذين الحدثين ليس عرضيا .فقد كان عمل الجمعية ، في ذهن عبد الحميد بن باديس والبشير الابراهيمي .يندرج في سياق الرد على التحدي الذي مثلته الاحتفالات بمئوية الاحتلال ، التي أراد لها المستعمر أن تعلن نهاية الاسلام واللغة العربية في الجزائر ، وفي الوقت نفسه يعترف ابن باديس والابراهيمي بفضل أفكار كل من جمال الدين الأفغاني الذي يرى بأن محاربة الطغيان تقود إلى سعادة الشعوب ، ومحمد عبدو الذي ينادي بتطوير التعليم كسبيل يؤدي إلى التحرر
في سنة 1933 أسندت إلى والدي مهمة الاشراف على نشاطات جميعة العلماء في الغرب الجزائري فأختار تلمسان ، تلك العاصمة التاريخية ، مقرا لعمله . ولهذا السبب ارتبطت ذكريات طفولتي بمدينة تلمسان ، حيث عشت من سنة 1933-1941 ومن 1942-1945
سكنا في البداية بيتا ، أو قل هو بقايا بيت ، بحديقة شاسعة في أغادير ، بأطراف المدينة . كانت أمي تحتل الطابق الأول مع أبنائها ، محمد الذي ولد في سنة 1924 ورشيدة التي ولدت عام 1928 وأنا في سنة 1932 . وفي الطابق السفلي كانت تسكن عمتي مباركة مع أبنائها الأربعة وكذلك ابن عمة أخرى هو الأخضر .
وكان هذا البيت يحتضن كل عام تجمعا كبيرا بمناسبة المولد النبوي الشريف .فكانت تقام منصة في باحته حيث يجلب مئات تلاميذ والدي للإستماع إلى مدائح دينية وأناشيد وطنية ويشاهدون مسرحية . وكنت أشعر بفخر عظيم وأنا أستمع إلى والدي يقرأ في صمت رهيب خطاب الاختتام ، أو حين يلقي أخي ، ولما يتجاوز العاشرة قصيدة أو كلمة عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم بعربية مهذبة .
كان والدي في المرحلة الأولى يلقي دروسه في أماكن مختلفة وراح عمله يتطور في الامتداد والعمق . واذا كان تعليمه يجلب كثيرا من الأتباع ، فقد أثار بالمقابل ضغينة الإدارة الفرنسية والزوايا الموالية لها .وهكذا تعرض إلى العديد من الاستفزازات بل حتى إلى محاولات إغتيال كما حدث في معسكر
كان والدي لا يكل ولا يبالي بالتعب فعند الفجر كان يلقي دروسا في حلقة من خمسين شابا من شباب تلمسان وبعد الظهر كان يخطب في ناد حول ماضي الجزائر أو مستقبها ، وفي المساء كان يجمع حوله أتباعه بعد درس في تفسير القرآن الكريم من أجل تجسيد المشروع الذي طالما راوده وشرع في تنفيذه وهو بناء (دار الحديث ) وهو مجمع تربوي ديني حقيقي يضم قاعة للصلاة في الطابق السفلي ، لأن الإدارة الفرنسية منعته من الوعظ والارشاد في المساجد الرسمية ، وقاعة للمحاضرات في الطابق الأول ، وقاعات للتدريس في الطابق الثاني
وقد سماه دار الحديث تيمنا بالمدرسة التي تحمل الاسم نفسه في دمشق التي أسسها نور الدين زنكي وتخليدا لذكرى نظام الملك وصلاح الدين الأيوبي اللذين اشتهرا بتأسيس المدارس .وترمز هذه المؤسسة إلى عمل جمعية العلماء في الجزائر المتمثل في بناء مدارس للأطفال لتدريس اللغة العربية والتاريخ والعلوم
بالإضافة إلى هذا العمل في العمق نجح في اصلاح ذات البين بين الكراغلة المنحدرين من أصول تركية وبين الحضريين . اللذين كانوا قبل مجيئه إلى تلمسان في خصومة دائمة
وكان العديد من أنصار الشيخ منضوين في حزب الشعب الجزائري . ولم يكونوا يجدون أي تناقض في النضال في الحركتين في آن واحد . وكانوا يعتبرون الحركتين متكاملتين : حزب الشعب الجزائري يوقد فيهم جذوة استقلال الجزائر ، وجمعية العلماء تسند أسس وطنيتهم (الاسلام - اللغة العربية) .
ونجح الشيخ أيضا في التقريب بين المتعلمين بالعربية ، وأغلبهم من طلبته ، وبين خريجي الجامعات الفرنسية . وكان من هؤلاء أطباء ومهندسون معماريون .
واحتفظ بصورة امي التي كانت صارمة مع أبنائها ، سواء في قواعد النظافة أو القيم الأخلاقية .
ومازالت ذكريات زيارات الشيخ عبد الحميد بن باديس العديدة إلى والدي عالقة بذهني . كانا يصلان إلى البيت مساء وكنت أنا الذي أصب من إبريق نحاسي ماء وضوئهما . وكانا يسهران طويلا ، وفي الصباح الباكر كان ابن باديس يركب القطار بإتجاه الجزائر العاصمة . ويوم ذاك كنت ألحظ المفارقة الأخاذة بين جسده الزاهد النحيل وصوته الجهوري الأخاذ ، بين نظرته العذبة وحضوره الساحق . كان يضع يده على رأسي ، ويدعو لي ببعض الأدعية . وترك ذلك علي كطفل انطباع الرجل الذي يجسد القداسة .
ويوم دشنت دار الحديث سنة 1937 ، خرج آلاف التلمسانيين في مسيرة ضخمة لإستقباله ومرافقته من محطة القطار إلى المدرسة ، أذكر أني بكيت في ذلك اليوم بدموع حرى لأني وصلت ، بعد أن غسلتني أمي و مشطت شعري و ألبستني أفضل ثيابي ، متأخرا إلى الاحتفال بالتدشين .
كان هناك زائرمرموق آخر ياتي مرتين في السنة على الاقل ، و هو إبراهيم الكتاني . مبعوث حزب الإستقلال المغربي . وكان الغموض و السرية يكتنفان زياراته . و لم يكن والدي يستقبله في دار الحديث . و إنما في البيت ، بعيدا عن أنظار وأعين الإدارة الفرنسية وما أكثرها و كان هو الذي يخبر والدي بنشاطات حزب الإستقلال ، و محن زعيمه علال الفاسي ، و الجهود الإصلاحية للشيخ محمد بلعربي العلوي و عن الظهير البربري إلخ ..........
وكان هو أيضا ، من يطلع والدي على كل ما كان ينشر بالمغرب الأقصى من نصوص قديمة و مجلات و جرائد و مؤلفات حديثة و ليس صدفة أن يكون هو الشخصية غير الجزائرية الوحيدة التي حضرت تدشين دار الحديث ، و كأني بالوطنيين المغاربة الذين لم ينكروا يوما تأثير جمعية العلماء الجزائريين في عملهم ، أرادوا بذلك تثمين هذا الحدث .
و حين سيدرس المؤرخون العلاقات المغاربية في الفترة الإستعمارية ، سيسجلون بكل تأكيد دور إبراهيم الكتاني كرائد للعلاقات الجزائرية المغربية ، و كهمزة وصل بين الوطنيين في المغرب الاقصى و الجزائر
وإن نسيت فلن أنسى سفري الأول في القطار . فقد صادفت أيام عطلتي اجتماعا للمكتب الإدراري للجمعية ، فقرر والدي اصطحابي معه إلى الجزائر العاصمة. و قد أذهلتني زيارتي الأولى إلى العاصمة . و أدهشني اكتشافي البحر . أكيد أن البحر كان يفتنني باتساعه و مجاله و أهواله . كان كل أعضاء المكتب الإداري للجمعية ينزلون في فندق ( الديوان ) القريب من نادي ترقي مقر الاجتماع ، وكان الشيخ بن باديس يطرق غرفة باب والدي كل صباح قائلا له : سأدعك تكتب في هدوء ، و آخذ أحمد معي وكنت فخورا أن يأخذني هذا الرجل من يدي و الناس يحييونه ، إما من على بعد بتحية إحترام ، و إما بمصافحة حارة ، و إما بتقبيله على الرأس
و كان يقوم بنزهته اليومية سيرا على الأقدام من ساحة الحكومة إلى ساحة بروسون ، مرورا بشارع باب عزون ، ثم يعود سالكا طريق الكورنيش المطل على البحر الأبيض المتوسط بعد إستراحة على مقعد في السكوار ، و حين نعود إلى الفندق نجد والدي لا يزال منهمكا في الكتابة .
كان العمل الإصلاحي الديني و الإجتماعي الذي شرع فيه والدي يشمل أيضا العادات و السلوك : كان يشجع تعليم البنات ، و ييسر الزواج بمحاربة مطالب أهل الخطيبة المبالغ فيها بفرض مهر رمزي ، و يحارب الطلاق السهل إلخ .....
كان والدي معارضا للالتحاق يالمدرسة الفرنسية بسبب محتوها الاغترابي . و الدليل على ذلك هو أن أخي ، الذي كان عمره تسع سنوات حين قدمنا إلى تلمسان سنة 1933 ، لم يدخلها . و الشيخ إبن باديس هو الذي أقنع والدي بفوائد تعلم الفرنسية خلال زيارته إلى تلمسان في السنة نفسها . وقد روى لي أخي أنه كان شاهدا على حديث مثير بين الرجلين بشأنه . وكان ابن باديس يرى ان اللغة الفرنسية ستساعدنا على كفاحنا. مستشهدا بمثال الأمين العمودي ، الذي برع في اللغتين ، وأفاد بذلك الجمعية وابن باديس ، نفسه ، هو الذي رافق أخي إلى أقرب مدرسة من أغادير ، وهي مدرسة ديسيو التي سيتردد عليها ، ويتابع في الوقت نفسه دروس والدي ، وقد مكنه ذلك من اتقان اللغتين بامتياز .
وفي العاشر من أفريل 1940 صدمت صدمة أخرى جعلتني أكتشف بشكل عنيف الظاهرة الاستعمارية .ففي الساعة الخامسة صباحا اقتحمت الشرطة الفرنسية بيتنا لاعتقال والدي واقتادته بعنف نحو وجهة مجهولة.
لقد اقلقت الحركة الشعبية التي كان والدي يقودها في تلمسان السلطات الفرنسية التي انتهى بها الأمر إلى تحييد آذاه بإبعاده عن تلمسان بمئات الكيلومترات .وقد علمت فيما بعد أن السبب المباشر لنفيه هو رفضه القاطع لتأييد فرنسا في حربها مع ألمانيا.
في الأول من سبتمبر 1939 عبرت الجيوش الألمانية حدود بولونيا ، وفي الثالث منه أعلنت بريطانيا العظمى وفرنسا الحرب على ألمانيا ، وابتداء من هذا التاريخ فررت فرنسا تحييد الوطنيين الجزائريين ليستتب لها الأمر في الجزائر .كان مصالي الحاج في السجن ، وكان ابن باديس مصابا بمرض عضال وكانت أيامه معدودة ، ولم يبق إلا الابراهيمي الذي جعل من تلمسان مركز اشعاع للاسلام والوطنية.
في نهاية 1939 قام القاضي محمد بن حورة برحلة أولى من الجزائر العاصمة إلى تلمسان ، وكلف النقيب شون مسؤول مصلحة الاتصال في شمال افريقيا ، ( أي مصالح المخابرات في الواقع ) بإقناع الشيخ الابراهيمي بتحديد موقفه عبر أمواج إذاعة الجزائر من النزاع العالمي ، لكن الشيخ رفض متحججا بكون الشعب الجزائري لا ناقة له ولا جمل في هذه الحرب ، حتى وان أرغم أبناؤه على أن يحاربوا إلى جانب فرنسا . وأمام هذا الرفض أغلقت مدرسة 'دار الحديث ' بأمر من الوالي .
وفي مطلع عام 1940 كرر ابن حورة خلال زيارته الثانية إلى تلمسان الطلب باسم الحاكم العام للجزائر ، مشفوعا
بوعد بإنشاء منصب شيخ الاسلام ( مفتي الديار الجزائرية ) يسند إلى الشيخ الابراهيمي ، وأمام رفضه للمرة الثانية ، قررت فرنسا كما سبق وضعه تحت الاقامة الجبرية بأفلو على بعد مئات الكيلومترات .
بعد مضي عشرة أيام انتهى إلى علم العائلة أن والدي يوجد تحت الاقامة الجبرية بأفلو ، وهي قرية في الجنوب الوهراني ، وأن أهله وأصدقاءه ممنوعون من زيارته . لقد غمرنا ، والحق يقال ، تلاميذه في مدرسة ' اهل الحديث ' بأسمى صور التعاطف ، ويبدو هذا الأمر طبيعيا . لكن حين اختلى بي جانبا ذات يوم معلمي ، السيد بيرسيل وسألني عن أخبار والدي شعرت ، بالدهشة والتأثر ، وقد ظل التلمسانيون يتذكرون طويلا هذا المعلم الفرنسي ، عضو الحزب الشيوعي ، الذي كان يحلو له ترديد ، أحب تعليم الأطفال الجزائريين .إنها طريقتي الخاصة في التكفير عن ذنوب بلدي الذي حمل إليكم بحد السيف ، الانجيل ، الكحول والسيفليس ، أجل . الإنجيل لتنصيرنا ، والكحول لإفسادنا ، والسيفليس للقضاء علينا .
وكان علينا انتظار صيف 1941 لكي ترخص السلطات الفرنسية لأسرتنا تحديدا ( أمي وأبناؤها الأربعة ) الالتحاق بوالدي .
بمجرد وصوله إلى آفلو أقام والدي بالفندق الوحيد في القرية ، فندق جبل عمور ، الذي كانت تديره عائلة هرنانداس ، ونزل في الغرفة رقم7 ، وهناك علم برحيل رفيق دربه الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي توفاه الله يوم 16 أفريل وحين علم الشيخ ابن باديس برفض صديقه ما عرضته عليه فرنسا وما ترتب عن ذلك من وضعه تحت الإقامة الجبرية ، بعث إليه خطابا مؤرخا بـ 13 أفريل ، وربما هو آخر ما كتبه ، يعبر له فيه عن تضامنه وإعجابه ويقول فيه :فقد بلغني موقفكم الشريف الجليل العادل فأقول لكم : 'الآن يا عمر ' فقد صنت العلم والدين صانك الله وحفظك وتركتك ، وعظمتهما عظم الله قدرك في الدنيا والآخرة ، وأعززتهما أعزك الله أمام التاريخ الصادق ، وبيضت محياهما ، بيض الله محياك يوم لقائه ، وثبتك على الصراط المستقيم ، وأنني أتصور مدى تأثر والدي بهذا المصاب الجلل المتمثل في وفاة الشيخ ابن باديس ، ونجد أصداء ذلك في ما خلفه من كتابات في تلك الفترة

كان والدي في أيامه الأولى يشعر بعزلة زاد من هولها تجنب سكان أفلو بصفة عامة زيارة الضيف المبعد من تلمسان خشية انتقام الإدارة ، لكن سرعان ما شرع بعض المتعلمين في القرية ، من أمثال محمد بن داود ومحمد مريح ، في زيارته باستمرار في فندق جبل عمور.
في أوت 1941 ، وبعد الحصول على ترخيص للأسرة بالالتحاق بوالدي ، أكترى شقة متواضعة لاستقبالنا ، أمي وأخي محمد وأختي رشيدة وأختي الأخرى زينب التي ولدت في غرة نوفمبر 1938 بتلمسان.
لقد وضعت ، بالتأكيد ، الحكومة الفرنسية بنفيها لوالدي حدا لتعلميه ولعلمه بصفة عامة في الغرب الجزائري . لكنها قدمت ، من حيث لا تقصد ، خدمة جليلة لأبنائه الذين أصبحوا لأول مرة ينعمون بحضوره وعلمه ، فبعد صلاة الفجر من كل يوم كان والدي ومحمد ورشيدة يتلون جزءا من القرآن الكريم ، ثم نجلس حول مائدة وكل واحد منا يحمل كراسا .
عبدالسلام م متواجد حالياً رد مع اقتباس
وكان أبي يملي علينا آية قرآنية ، أو حديثا نبويا ، أو بيتا من الشعر العربي ، وكانت أول آية فسرها لنا هي قوله تعالى ' يا آيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ' وأول حديث شريف شرحه لنا هو : ' المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده' وأول شعر حفظته عنه هو هذان البيتان :
رضينا قسمة الجبار فينا لنا علم وللجهال مال
فان المال يفنى عن قريب وأن العلم باق لا يزال
ثم بعد ذلك يخوض في تعليقات على ما أملاه ، متبوعة باستطرادات فلسفية وأخلاقية وتاريخية ، وكان في بعض الأحيان يلقي علينا درسا حقيقيا في التاريخ ، حيث يتوقف مليا عند التيارات الكبرى أكثر من توقفه عند الحوادث ، باختصار ، أعتقد انني مدين في هذه الفترة فيما تعلمته بالعربية.
التأم لأول مرة شمل الأسرة ، وهكذا كان لدي متسع من الوقت لملاحظة الوالدين.
كانت أمي في الأربعين من العمر ، تنعم بالصحة والصفاء ، وكان وجهها يوحي بالطمأنينة ويتسم بالاشعاع ، ميزتها صبر جميل وهي ترعى الجميع ، وتسهر على كل شيء ، أعتقد ان ورعها الرزين ساعدها على تخطي المحن التي ألمت بها .
وكان والدي قد جاوز الخمسين ، وكان متوسط الطول ، ذا بنية قوية .كان في عنقوان نشاطه . كانت عيناه براقتين ، وأسنانه لامعة ، بسحنة بيضاء ، ولحية مقدودة ، وكان يحمل عصا بسبب عرج أصيب به في طفولته . وكان يتألق طيبة . كانت ابتسامته الرقيقة تخلق من النظرة الأولى ودا مدهشا يسمح له بالتواصل مع أقل الناس انقيادا.
كان مناخ أفلو قاريا حارا جدا صيفا وشديد البرودة شتاء بثلوج غزيرة .وكان والدي مضطرا كل يوم اثنين أن يقطع ومهما تكن حالة الطقس ،

أكثر من كيلومتر مشيا على قدميه ليذهب إلى مقر الجندرمة في الطرف الآخر من القرية من اجل التوقيع على وثيقة تشهد أنه لم يغادر افلو
كنت مسجلا في المدرسة البلدية في السنة الخامسة إبتدائي , و كاان مدرسنا هو السيد مارشال . مدير المدرسة نفسه . و كانت أقليه من الفرنسيين تدرس معي ، و منهم إبن الحاكم الإداري غيزولفي . و كانت القرية تبدو معزولة عن العالم الخارجي وعن السياسة و الحرب . باستثناء صباح الإثنين حين كان المدرسون و التلاميذ يحضرون في ساحة المدرسة لرفع الألوان الفرنسية و إنشاد نشيد أيها المارشال ، ها نحن على إستعداد
كان المدرسان الجزائريان الوحيدان بالمدرسة هما السيد محمد العيد و أحمد صبار . وكانا يزوران من حين إلى آخر والدي . و كان أكثرهم مداومة على هذه الزيارات هو عمار سليمان طالب الذي سيصبح سكرتيرا لوالدي ، وهو منحدر من القبائل الكبرى ، وكان قد درس في مدرسة المعلمين ببوزريعة . واظطر إلى تركها حين توفي أبوه و خلفه في دكانه بأفلو من أجل إعالة أسرته الكثيرة العدد . أما أخوه الأصغر السعيد . الذي ولد في 1930 . فقد أصبح رفيقي و صديقي. و قد تقدمنا لنيل شهادة التعليم الإبتدائي معا في تيارت في جوان 1942. فقرر والدي عدم ترك السعيد يضيع في أفلو وسجله معي في آن واحد في السنة الأولى إعدادي في ثانوية دي سلان بتلمسان
عبدالسلام م متواجد حالياً رد مع اقتباس
ها أنا إذا من جديد في تلمسان في أكتوبر 1942 . لكن هذه المرة من دون والدي اللذين بقيا في أفلو . و سكنا . و انا و سعيد . عند عمتي
يجب أن أعترف أنني كنت تلميذا ممتازا خلال دراستي الإبتدائية . لكنني أصبحت كسولا في المتوسطة . على الأقل خلال السنتين الأولتيين . وكنت أذهب إلى الحوض الكبير رفقة السعيد ، لألعب كرة القدم . وكنا نتردد على دور السينما مرة في الأسبوع . و كانت أفلامنا المفضلة هي أفلام جيمس
كاغني وروبير تايلور وبيير بلانشار ، وكنا نستأجر دراجات ونقوم برحلات طويلة في أرباض تلمسان.
لم يكن الناس في أفلو يشعرون بالفاقة من جراء الحرب فلم يكونوا يجدون ما يشترونه إلا نادرا . وكانوا يتزودون بالحليب والزبدة والبيض والدجاج من السكان أنفسهم . لكن الوضع في تلمسان ، كما في كل المراكز الحضرية بالتأكيد ، كان مغايرا . فقد كان الجوع حقيقة صارخة ، وغير تقنين المواد الغذائية من عادات السكان . وكان الشمندر والخرشف هما القوت اليومي . وكان اللحم مفقودا . وانتشرت المواد البديلة ، فعوض الحمص القهوة ، واستبدل السكر بالتمر .
وبعد ثلاث سنوات من الاقامة الجبرية في أفلو ، أطلق سراح والدي في جانفي 1943 ، بعد ما استقبله في الجزائر العاصمة الجنرال هنري جيرو ، الحاكم المدني والعسكري للجزائر في 23 ديسمبر ، رفقة عمار سليمان طالب ، ثم التحق بتلمسان ، حيث استقبل بحفاوة منقطعة النظير.
وفتحت مدرسة 'دار الحديث' أبوابها من جديد من تلاميذة والدي ، أمثال محمد بابا أحمد ، وعبد الوهاب بن منصور ، ومولاي حسن القادري ، وجيلالي حجاج ، ومختار الصبان ، وعبد الله بوعنان ، ومحمد ملوكة ، وأحمد شاوي ، ومنير شلبي، وقد واصل بعض تلاميذ والدي دراستهم بالفرنسية حتى شهادة الباكالوريا ، مثل بومدين الشافعي الذي هاجر إلى مصر ،وأصبح مختصا مشهورا في علم النفس ، وبشير قليل الذي عجل به الموت ، والتجيني هدام ، وعبد المجيد مزيان ، اللذين اشتهرا في الجزائر المستقلة .الأول طبيب جراح ، والثاني كعالم اجتماع .
وكلهم يذكرون دروس والدي بطرق مختلفة ، بعضهم يثمن فيه معرفته الجيدة للغة العربية ، وبعضهم الآخر يتوقف عند قدرته على الارتجال ، وآخرون معجبون بسعة اطلاعه ، لكنهم كلهم ، بدون استثناء ، يتفقون على التأكيد على فصاحته التي كانت كلهم تنسيهم رتابة خطب الجمعة التي تعودوا عليها .وفضلا عن ذلك ، كانوا كلهم يعترفون بدفئه الانساني وذاكرته الخارقة ، وجمعه بين الموهبة الأدبية وتفقهه في الدين ، أما العلماء الذين عرفوهم من قبله ، فقد كانوا إما فقهاء وإما أدباء .
ذات يوم تناول السيد بابا أحمد في درسه تاريخ الزيانيين والمرينيين وتأسيس المنصورة . وكان درسه بمثابة المنبه الذي فتح عيوننا على أشياء جديدة . وبدأنا مع المجموعة من الأصدقاء نزور هذه الآثار كل يوم أحد ، ولم يكن الدافع الذي يحركنا هو الحنين الكئيب إلى هذه الرسوم ، لكن الرغبة في العودة إلى المنابع . وكنا نتساءل إذا كان أجدادنا قادرين على تشييد مدن كهذه والدفاع عنها .فما الذي يمنعننا نحن من طرد الغزاة وإقامة العمران ؟ذات مرة ركبنا حافلة باتجاه أبعد إلى ندرومة ، مسقط رأس عبد المؤمن بن علي ، الذي وحد منطقة المغرب العربي ، وأصبح بطلنا الوطني منذ قدم لنا السيد بابا أحمد صورة تفريظية عنه.
ومن جهة أخرى .ومنذ الأيام الأولى لارتيادي مدرسة دي سلان ، استدعى المدير غالان كل التلاميذ المسجلين في السنة الأولى متوسط ليطرح عليهم هذا السؤال الغريب : ماهي اللغة الأجنبية الأولى التي تختارونها : هل هي العربية ، أو الانكليزية ، أو الألمانية ؟
ويجب أن أعترف ، أيضا ، أن الفضل في نجاحي في الثانوية يرجع بالدرجة الأولى إلى أمي .ففي غياب والدي ، الذي كان دائما إما في جولة ، وإما في المنفى ، و
إما في السجن ، كانت أمي صارمة إزائي ، وكنت أضيق ذرعا بها أحيانا ، لكنني فيما بعد أصبحت ممتنا لها ، وحاولت أن أعبر لها عن عرفاني بطريقة غير موفقة .
وخلال هذه السنوات الثلاث التي قضيتها في تلمسان (1942-1945) حيث كنت في آن واحد تلميذا في 'دار الحديث' وفي ثانوية دي سلان ، نشأت علاقة ودية بيني وبين زميلين في الدراسة ، هما محمد بغدادلي وعبد الله سلعاجي .وبدأ اهتمامي بالسياسة يزداد نموا إلى أن بلغ أوجه خلال حوادث 8 ماي 1945.
لم نكن نتحدث في السياسة في الثانوية ، لكننا في المدرسة كنا نتابع بتعاطف ، يشجعنا في ذلك معلمونا . حركة أحباب البيان و الحرية . و كنا نشاهد على جدران المدينة كتابات مثل أطلقوا سراح مصالي . و الإبراهيمي ، وعباس . وفي تلمسان جاءني خبر إعتقال والدي في الجزائر العاصمة يوم 27 ماي 1945 مرفوقا بتفتيش دقيق لمنزلنا في القبة .
كان والدي نشطا منذ أن أطلق سراحه من أفلوفي جانفي 1943 ، ليس في الغرب الجزائري فحسب ، بل في عموم الجزائر بحكم رئاسته لجمعية العلماء ، و يبدو أنه كان مصمما على تجاوز الإطار الثقافي لدخول المعترك السياسي . و يتجلى ذلك بمناسبة زيارة لجنة برلمانية أرسلتها الحكومة الفرنسية بهدف إعداد تقرير حول الإصلاحات الإسلامية في الجزائر . و التي إتصلت لهذا الغرض بشخصيات إسلامية . من بينهم الشيخ الإبراهيمي . يجدر التوقف عند إجابته على هذه اللجنة . أن أقترح إصلاحات في مجالات القضاء و التعليم و المساجد . و هو ليس بالشئ الجديد في مساعيه ، تطرق إلى إصلاحات سياسية لخصها في خمس نقاط :
أولا : إنشاء جنسية جزائرية تشمل جميع الطوائف التي تعيش بهذا الوطن بغير تميز بين أصولهم وأديانهم ، يساوون بموجبها في الحقوق والواجبات .
ثانيا : إستبدال جميع التشكيلات الإستعمارية بحكومة تسمى الحكومة الجزائرية تكون مسؤولية أمام مجلس تشريعي جزائري ( برلمان )
ثالثا : إسناد الوظائف الإدارية لجميع الجزائريين على أساس الكفاءة الشخصية .
رابعا : اعتبار اللغة العربية لغة رسمية في المعارف و الإدرارات بجانب اللغة الفرنسية .
خامسا : يحفظ لأهل كل دين حقهم في إقامة شعائر دينهم ،و تصرفهم المطلق في معابدهم و أوقافهم بواسطة تشكيلات حرة يرتضونها لأنفسهم .
هل ينبغي لي أن أشير إلى هذا النص الذي وجه إلى الحكومة الفرنسية حرر في 1944 ، أي عشر سنوات قبل إنطلاق الثورة و 18 سنة قبل استعادة الإستقلال ؟
وبنفس التوجه و المسعى شارك الإبراهيمي مشاركة فعالة في إجتماعات أحباب البيان و الحرية التي كانت تجمع أتباع مصالي الحاج و أنصار عباس فرحات ، و هي الحركة التي كانت تنشد كهدف دائم لها وحدة الوطنيين
رفض أحباب البيان و الحرية أمرية 1944 ، و كان ديغول هو ملهمها ، لأنها تجاهلت إنشاء الدولة الجزائرية .
و لنفس المسعى استقبل والدي في تلمسان في جويلية 1944 المخيم الفيدرالي للكشافة الإسلامية الجزائرية . و قد كان دائما من داعمي الحركة الكشفية ،و برز كمنظم من الطراز الأول ، حين حث سكان تلمسان على إيواء 400 مشارك كانوا مخيمين في موقع لالا ستي الرائع ، و يتناولون طعامهم عند العائلات التلمسانية . و قد اندهشت و تأثرت بالاستعراض الذي قام به هؤلاء الشباب في شوارع المدينة . و قد استشهد البعض منهم أثناء حوادث ماي 1945 .
ويجدر التذكير هنا بأنه في الوقت الذي كان يحتفل فيه الحلفاء ب 8 ماي 1945 ، معتقدين أنهم تخلصوا نهائيا من الفاشية و النارية . و كايديولوجيات قاهرة لارادة الشعوب و في الوقت الذي أنجز فيه ميثاق الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو انضمت الجزائر إلى هذه الاحتفالات بتنظيم مظاهرات في شوارع سطيف و قالمة و خراطة و غيرها . لتظهر للعالم أن الانتصار على النازية هو أيضا انتصار لحق الشعوب في تقرير مصيرها . و بدل أن يتعامل الجيش الفرنسي مع هذه الفرحة العارمة بصفة ايجابية .رد على أهلها . بلا رحمة وبلا شفقة و أزهق 45000 من الأرواح . وكان من بين الضحايا عائلات جنود جزائريين مجندين في الجيش الفرنسي شاركوا في تحرير فرنسا من النير النازي . تصوروا . لحظة . كيف كان تفكيرهم و شعورهم حين عادوا إلى أرض الوطن ولم يجدوا أهلهم وذويهم .
أما بالنسبة إلينا .نحن تلاميذ 'دار الحديث' وثانوية دي سلان ، فإن مجازر 8 ماي 1945 دقت ناقوس نهاية الأطروحات الاندماجية (التي ابتذلت في نظرنا) وأضاءت لنا الدرب ، وهو أن الاستقلال آت لا محالة .وإذا كانت فرنسا تملك القدرة على القمع ، فمن واجبنا أن نصمد وان نقاوم .اعتقل والدي يوم 27 ماي 1945 بتهمة التحريض على هذه المظاهرات .وبعد أن عانى عدة أشهر من الحبس الشاق في السجن العسكري بالجزائر العاصمة ، نقل إلى المستشفى العسكري في قسنطينة ، قبل أن يطلق سراحه في مارس 1946.
ان حوادث ماي 1945 والمذابح التي راح ضحيتها آلاف الجزائريين جعلتني أدرك حقيقة القمع الاستعماري بكل حدته وبشاعته. ومنذ ذلك الوقت بدأت أهتم بالمشاكل السياسية المرتبطة بمستقبل بلدي .ليس فقط لأن والدي كان مسجونا ، لأن كلمات مثل 'الوطن' و'الاستقلال' لم تعد مجرد كلمات ، وإنما اصبحت تثير في نفسي كثيرا من الانفعال والتأثر .
نهاية الفصل الأول مع بعض الإختصار من صفحة 15 - 40

ليست هناك تعليقات: