الجمعة، 26 ديسمبر 2008

نظرة سريعة عن أرشيف تاريخ الجزائر عبر العالم:

على سبيل المثال نقدم الآن بعض الأرصدة الأرشيفية المحفوظة عبر العالم والتي تخص تاريخ الجزائر مع العلم بأن أهم المصادر بالنسبة للكم موجودة بفرنسا وتركيا:

* فرنسا: المجلد رقم 08/1998 من صفحة 17 إلى صفحة 165؛ يوجد بحوزة مراكز الأرشيف بفرنسا، خاصة في إيكس أن بروفنسن وباريس ما يفوق 200.000 علبة أرشيف، و هي محل نزاع دولي بين الجزائر وفرنسا لكون هذه المجموعة الهائلة من مصادر تاريخنا نقلت من الجزائر إلى فرنسا عشية استقلال الجزائر، وهذه العملية تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الذي ينص على أن الأرشيف يحفظ إجبارياً في الإقليم أو البلد حيث تم إنتاجه وتراكمه.

وهذه المجموعة تخص أساساً تاريخ الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي أي من 1830 إلى غاية 1962 وتتعلق بجميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وكل الحملات العسكرية بما فيها القمع الوحشي والاغتيالات والاعتقالات... وحتى بعض دفاتر الحالة المدنية والملفات التقنية الخاصة بالعمارات والهياكل العمومية.

أما فيما يخص أرشيف العهد العثماني- الذي في الواقع هو ليس محل نزاع- يبقى على فرنسا أن تعيد إلي الجزائر الوثائق الدبلوماسية المتبقية بعد استرجاع الجزائر لمجموعات الأرشيف العثماني في عدة دفعات آخرها تتعلق بجزء من المعاهدات الدولية التي أبرمت بين الجزائر والبلدان الغربية من القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر ميلادي .

* تركيا: المجلد رقم 08/1998 باللغة الفرنسية من ص.167 إلى ص.212،

والمجلد رقم 10/1998 باللغة العربية من ص.199 إلى ص.221،

بعكس الوضعية القانونية التي أشرنا إليها فيما يخص النزاع الأرشيفي بين الجزائر وفرنسا، لا يوجد أي نزاع مع تركيا، لأن الدولة العثمانية احترمت القواعد الدولية ولم يتم أي ترحيل للأرشيف من الجزائر إلى اسطنبول.

الأمر يتعلق إذا بالأرشيف المنتج في اسطنبول و الذي يشهد عن العلاقات بين الجزائر والدولة العثمانية طوال العهد الحديث أي من بداية القرن السادس عشر إلي غاية احتلال الجزائر من طرف فرنسا سنة 1830.

رغم صعوبة المعرفة الدقيقة للأرشيف المتراكم باسطنبول، يمكن على الأقل حصر أهم سلاسل التي تحتوي على الوثائق المتعلقة بتاريخ الجزائر في العهد الحديث:

أ- دفاتر المهمة: "وهي أحد الأقسام الهامة التي تشكل سجلات الديوان الهمايوني، إذ تخصص تلك الدفاتر لتسجيل الفرمانات والأحكام والأوامر الصادرة عن الديوان الهمايوني إلى شتى جهات الدولة العثمانية...

يضم تصنيف دفاتر المهمة 266 دفتراً تحتوي الأوامر والأحكام الصادرة من عام 1533م إلي سنة 1905م، وتحتل أمور الجزائر عدداً كبيراً من تلك الدفاتر..."

ب- الخطوط الهامايونية: "وهي الأوامر المكتوبة من السلطان العثماني حول مسألة من المسائل... وتمتد من سنة 1659م إلي غاية سنة 1880... وهذا القسم الذي جرى تصنيفه بالترتيب الكرونولوجي يضم العديد من الوثائق عن الجزائر..."

ج- قسم معلم جودت: "وهو قسم من الأرشيف العثماني قامت على تصنيفه هيئة كانت تحت رئاسة معلم جودت... وتقع تواريخه بين عامي 1533م-1902م... تضم أبواب هذا التصنيف وثائق تتعلق بالجزائر في الشؤون الخارجية والمالية والبحرية..."

د- الأقسام الأخرى في الأرشيف العثماني: "إبن الأمين، على آمري ،الإرادات داخل الإضبارات، إرادات المسائل المهمة، دفاتر الدول الأجنبية في الديوان الهمايوني..."

في النهاية نلاحظ أن الأرشيف العثماني يحتوي على 150 مليون من الوثائق من بينها 20 مليون تخص العالم العربي؛ و تم إلي غاية سنة 1998 فهرسة 50 مليون وثيقة كتابيا ومليونين بإدخال الإعلام الآلي.

* البلدان العربية: خصص الجزء 10/1998 كلة (أي 221ص.) إلى المداخلات العربية، وأيضا جزء من العدد 11/2000 من الصفحة 19 إلي الصفحة 65: المغرب- تونس – ليبيا- مصر – السودان – لبنان – سورية – العراق – اليمن – جامعة الدولة العربية – الآلكسو.

وهذا المجهود العربي عرفنا ما يوجد لدى إخواننا كأرشيف خاص بتاريخ الجزائر من القرن السادس عشر إلي غاية القرن العشرين. تتطرق الوثائق إلى القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية مثل: الجالية الجزائرية – قوافل الحجاج – العلماء والطلبة الجزائريين – المساندة العربية للحركة الوطنية الجزائرية ولحرب التحرير ضد فرنسا...

* البلدان الغربية: أهم أرصدة خارج فرنسا توجد في أسبانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، هولندا وبلجيكا... لكون هاته البلدان فتحت قنصوليات وممثليات دبلوماسية وتجارية بالجزائر من القرن السادس عشر إلى غاية القرن العشرين. كل العلاقات مهما كان نوعها – دبلوماسية أو تجارة أو بحرية – تدور حول ما يجري في البحر الأبيض المتوسط من حركة بحرية وتجارة وحتى الحروب بين الدول، نظراً للمكانة الإستراتيجية التي تتميز بها الجزائر في هذا الفضاء المفتوح للتنافس التجاري والهجوم البحري ضد السفن الحاملة للبضائع الثمينة... وقضية الأسرى بالجزائر كانت تتصدر الأولوية.

إن أقدم علاقات بين الجزائر والبلدان الغربية – باستثناء فرنسا – كانت مع أسبانيا التي تحفظ في مراكزها أرشيفاً هاماً من القرن الثالث عشر ميلادي إلى القرن العشرين: برشلونة – سيمنكاس – مدريد…

بعدها تأتي هولندا من سنة 1604 إلى غاية 1830؛ ثم بلجيكا من 1653 إلى 1964؛ المملكة المتحدة 1567 -1830، الولايات المتحدة الأمريكية من سنة 1785(تعيين أول قنصل بالجزائر وهو Capt. Richard O'Brien أسير من قبل بالجزائر) إلي غاية سنة 1980 تاريخ الوساطة الجزائرية في قضية الرهائن الأمريكيين بطهران؛ سويسرا من جهتها فتحت قنصلية بالجزائر بعد احتلالها وهذا وقع في سنة 1842 والأرشيف يمتد إلى غاية حرب التحرير لكون هذا البلد لعب دوراً هاماً في تنظيم المفوضات بين القيادة الثورة الجزائرية والحكومة الفرنسية؛ وحتى لأستراليا أرشيف يهم الجزائر في القرن العشرين (علاقات تجارية في ظل الاستعمار الفرنسي)

توجت تلك العلاقات بإبرام معاهدات دولية عديدة نقدمها في النقطة الموالية.

* البلدان الاشتراكية (سابقاً): روسيا – يوغسلافيا – بولونيا – كرواتيا؛ أهم أرشيف هذه البلدان يتعلق بالمساندة السياسية أثناء حرب التحرير 1954-1962، ولو لاحظنا وجود بعض الوثائق القديمة كملفات الأسرى والمهاجرين إلى الجزائر والعلاقات الدبلوماسية مع جمهورية DUBROVNIK في القرن الثامن عشر.

* بلدان العالم الثالث: مالي – الفيتنام – الهند – الباكستان – الصين... كما سلف الذكر أغلب الوثائق تتعلق بالمساندة السياسية للثورة الجزائرية؛ ولكن يوجد بعض الأرشيف المنتج في القرن التاسع عشر الفيتنام (1858) والمالي (1894) الذي كانت له علاقات مع الجزائر بحكم الجوار بالصحراء.

5- المعاهدات الدولية للجزائر في العهد الحديث:

توجت العديد من العلاقات التي تطرقنا إليها في النقطة السابقة بإبرام معاهدات سلم وتجارة – خاصة مع البلدان الغربية – من القرن السابع عشر ميلادي إلى غاية القرن التاسع عشر. أحصينا حتى الآن ما يقارب 120 معاهدة دولية نقدم أهمها:

فرنسا: 59 معاهدة من سنة 1619 إلى سنة 1830؛

هولندا: 09 معاهدة من سنة 1622 إلى سنة 1760؛

المملكة المتحدة: 08 من 1662 إلى 1824؛

أسبانيا: 04 من 1760 إلى 1791؛

البندقية: 03 في 1763-1768-1782؛

الولايات المتحدة الأمريكية: 03 في 1795-1815-1816؛

الطقسان: 03 في 1748-1757-1822؛

النمسا: 02 في 1727-1748؛

السويد: 02 في 1729-1794؛

البرتغال: 02 في 1626-1813؛

ألمانيا: 02 في 1751-1757؛

صاردنية: 01 في 1816؛

الدانمارك: 01 في 1772؛

نابولي: 01 في 1816؛

الجزر الإيونية: 01 في 1816؛

صقلية: 01 في 1816.

يجب الإشارة هنا إلى أن أغلبية المعاهدات أبرمت في القرن الثامن عشر ميلادي حتى مع فرنسا (29 معاهدة من سنة 1700 إلى غاية 1800).

6- الاتفاقيات الثنائية للحصول على نسخ من الأرشيف:

تمت عند انتهاء أشغال الملتقى المصادقة على التوصيات العامة من بينها الاقتراح الذي ينص على ضرورة التعاون بين البلدان لتبادل الأرشيف (نسخ) الخاص بتاريخها، وجاء هذا الاقتراح على شكل وضع إطار قانوني للتعاون الدولي كما يلي:

...-4- يقترحون:

أ- أن تتضمن الاتفاقيات الثقافية بين الدول نصوصاً تتعلق بتبادل الوثائق والأرشيف.

ب- أن توقع اتفاقات ثنائية مع مؤسسة الأرشيف الوطني الجزائري تتناول النقاط التالية:

- تشكيل فرق مشتركة مهمتها البحث عن المصادر الوثائقية الخاصة بتاريخ كل من البلدين؛

- نسخ الأرشيف وفق صيغ تحدد في إطار ثنائي؛

- تنظيم لقاءات حول المصادر التاريخية الخاصة بكل بلد حسب الإمكانيات المتاحة؛

- تشجيع الباحثين والجامعيين في كل بلد على البحث في الأرشيف وفق التشريعات السائدة؛

- تبادل زيارات الأخصائيين والخبراء في علم الأرشيف؛

- تبادل وسائل البحث (جرد، دلائل، فهارس)؛

- نشر مشترك لنصوص أصلية خاصة بتاريخ كل بلد؛

- تنظيم معارض للأرشيف ضمن الإمكانيات المتاحة؛

- إعداد أرشيفيين وتقنيين في المهن المرتبطة بالأرشيف (في مراحل التعليم المختلفة، ما قبل الجامعي، الجامعي وما بعد التخرج)...

(المجلد 11/2000 ص. 13-14)

الخاتمة:

فعلاً بدأنا بتطبيق هذه التوصية أثناء الملتقى بإبرام محاضر أولية للمحادثات الرسمية بين الجزائر وتركيا وروسيا ويوغسلافيا؛ وعلى سبيل المثال توجد في يوغسلافيا أفلام عديدة عن الثورة الجزائرية صورت في الجبال أثناء المعارك بالتعاون مع المخرجين السينمائيين الجزائريين الأوائل.

وبعد انتهاء الملتقى انطلقت الجزائر في عملية استرجاع نسخ من هذا الأرشيف التاريخي المحفوظ عبر العالم، عن طريق التصوير بالميكروفيلم في إطار الاتفاقيات الثنائية.

في الأخير، نتمنى أن التجربة الجزائرية تفيد إخواننا بالأقطار العربية لاسترجاع ذاكرتهم التاريخية.

أخذ جزء من مقال الاستاذعبد الكريم بجاجة

ليست هناك تعليقات: